بحــــث عـــن

الإصــدارات القـــادمة
"المعبطة" و "علمني العوم والنبي ياحمد" .... سميـــــر

15 August 2008

الجــــاتوه مش للغـــلابة

أصدقائي الأعزاء ....

النهاردة مكنتش كملت أي من المواضيع المنتظرة عاليه وكانت فيه فكرة شاغلة دماغي بقلها كام يوم قلت نتشارك فيها سوا.

من حوالي إسبوع كان الموقف العام لحياتي غير مرتب ويبعث علي الكأبة أو عدم الرضا، فكلي مساعدي كانوا غير متواجدين من حوالي، أحمد سعيد يكمل شهر العسل خاتصه بعدما إتنيل علي عينه وإتجوز ناشداً الحياة السعيدة كما في الروايات الرومنسية وعروض الأفلام وعماد سافر إلي بلاده في أقصاي الصعيد لإستكمال علاج إبنه الغير معروف علته بشكل قاطع إلي الأن.

وقد كنت أيضاً في حالة مزاجية وحياتية غير مُرضية فقد كانت تفوتني كثير من ساعات العمل دون تواجد مني وكنت أكثر من سهر ليلي بغير داعاً أو شاغل وبغير صاحب أوعلة، فقط تدور الأفكار في رأسي عما لو كان كذا أو لو أن كذا ثم بعد كل ذلك أدرك حكمة الله وقوته وعظمة خلقه فينا ومن حولنا أو لا إدرك، ثم يغلبني النوم فأذهب فيه إلي أن تفتح عيني علي يوم جديد، لا أفعل شئ طوال يومي إلا تجاهل رنين الهواتف من حوالي وخفت الأضواء تخفيا من الزوار، فقط تدندن شفتاي بشئ يصدي في خاطري أو أترجل لعمل كوب دافئ من أي شئ أرتشفه بين الحين والحين لكسر رتابة الوقت بينما أطالع صفحات الإنترنت لمعرفة أخبار عن أمور لا أجدها منطقية أو مفدية لكنها زاد لي تروي شغفي عن أمور لا أعيشها أو أملكها، أيضاً متابعة تنزيل الأفلام والألعاب والبرامج من الأنترنت بغير داع أو حاحة إلا هو إدمان جديد، ولا يبقي شئ في يومي غير ماتش فيفا لابد أن ألعبه كل يوم كأنه وتر دون شوق أو إثارة فقط أتابع شاشتي وأقوم بضغط مفاتيحي عن خبرة جيدة بالأمر ولا يعنيني في النهاية أن أفوز أو أخسر.

يحدث ذلك تكراراً ومراراً ليومين أو ثلاثة ولكن فجأة أنتبه إلي أني جائع لم أتذوق الطعام منذ سفر عماد وسعيد، فأبدأ بالبحث عن شئ أكله في ثلاجتي المهجورة أو من حوالي علي أي مكتب أو منضدة ولو بضع فتات من أي شئ ولكن دون جدوي وتبدأ معدتي في التظاهر طلبا للأمداد ويتوقف عقلي عن التفكير في تفاهات الأمور التي كانت تشغله قبلاً ويجبرني علي إيجاد حل نتقوت به أنا وهو ومعدتي الخاوية. فيدور بيني وبينه هذا النقاش،

يبدأ هو : لما لا تنزل لتحضر لنا الطعام فأنت من يملك منا ذلك ؟
أجيبه : أنت تعرف كم أنا كسول ولا أحب الظهور وأنا أيضاً مرهق مثلك فمن أين لي بقوة أذهب بها للإغتسال وإرتداء الزي والترجل بين المحلات لشراء الطعام والعودة به. أنه أمر صعب حقاً، لا لن أفعل ذلك.

فيقول لي : حسناً إذا أطلب لنا الطعام بالهاتف فأنت من تملك المال واللسان والهاتف ؟
أجيبه إستنكاراً : كيف تقول ذلك وأنت تعلم حالتي الإقتصادية المتدنية، طلب التوصيل قد يكون مكلف ! ، لا لن أقوم بهذا ولو إضطررت للحل الأول، وأتمتم : تباً لك فأنت لا تعلم ما المال ولا صعوبة الحصول عليه.

فيقول لي : إذا كنت لا تريد الذهاب للشراء ولا تريد شراء الطعام بالهاتف، إذا أطلب العون من الجيران والأصدقاء !
فأجبته مسرعاً : أحسنت دعني أتدبر هذا الأمر.



وبدأت مسرعا في الإتصال بمحمود جمال جاري وصديقي والمعروف بمحمود دونلود، فهو يقطن بالقرب مني ونتقابل كل يوم للتبادل الكلمات والأخبار وأنا لا أخجل أن أطلب منه شيئا... وطلبت منه أحضار كذا وكذا من الغذاء من السوبر ماركت وطلبت منه الإسراع لأني أئن من الجوع، ولم تمر دقائق إلا وصديقي محمود يفرغ أمامي أصناف الطعام المشتري وقد أحضر من بيته قطعتين من الجاتوه كرماً وكهدية لي، وجالسني قليلاً وقد كنت بدأت بتناول الطعام ثم أنصرف ولم أتوقف عن نهمي حتي إنتفخت معدتي بكل ما كان أمامي من طعام فأنشغلت عني بعملها ومحتواها وعاد عقلي ليعمل وينشغل في أموري من جديد.

وبعد دقائق من تجهيز الشاي والعودة للجلوس أمام شاشة الكمبيوتر لمعاودة فعل الأمور غير المهمة من جديد، أدركت فجأة أني أكلت قطعتي الجاتوه ضمناً في وسط ما كنت أتناول من الطعام دون أن أشعر بهما أو أميز لهما طعما خاصاً، كانوا فقط شكل من أشكل الطعام أسد به حاجتي وجوعي، لم يكن هناك الطريقية الكلاسيكة لتناول الجاتوه القضمة تلو الأخري والإستمتاع بطعم كل قطعة أو ما يزينها، لم يكن هناك وقت لتذوق والتلذذ بالجاتوه. لم يكن الأمر كذلك.

إذاً الجاتوه لن يكون جاتوه في أفواه الغلابة والفقراء والأطفال الجوعي، سيكون فقط شكل من أشكال الغذاء يسدوا به حاجتهم وجوعهم ثم الحمد والرضا أوعدمه السخط. ولكنه أبداً لن يكون حلوي ما بعد الغذاء للتحضر والتميز والمتعة.

أنتهي الموضوع وبينت الحكمة، ولكن أود أن أوضح هنا أني لا أدعي فقراً أو أصرخ بأني غلباناً محروم، فالحمد لله أنا أمتلك الكثير من مئات الجنيهات وأتكسب من عملي بشكل مقبول وأعيش كافة أمور حياتي بطريقة مُرضية، ولكن ما أقول هنا أن تجربة حرمان بسيطة من أمر واحد ليومين أو ثلاثة بغير إضطرار فقط سهوا وتكاسلاً مني قد منعتني تذوق الجاتوه والتعامل معه بشكل متحضر كما إعتدت قبلاً، فكيف يكون أمر هذا الجاتوه بين أفراد وأسر قضت معظم عمرها جوعاً وحرماناً من معظم ضرورات الحياة.

فهل يعتقد أحداً منكم أن فيهم من يستطيع أن يستمتع بالجاتوه ؟

بعد تجربتي المتواضعة أجيب السؤال بالنفي ... وأري أنه غير ممكن.

في إنتظار ردودكم وخواطركم ......

سميـــر

No comments:

Post a Comment