بحــــث عـــن

الإصــدارات القـــادمة
"المعبطة" و "علمني العوم والنبي ياحمد" .... سميـــــر

31 July 2008

الأتـــوبيس

أصدقائي ... زي كل يوم لقاء جديد وحوار جديد

صحيت النهاردة الصبح من النوم مش في جود مود كما تقال بالإنجليزية، وظل هذا الحساس ملازمني طوال اليوم وخصوصا بعد بيزنيس داي فاشل "مش عارف ليه طلبة إنجليزي كده" المهم في يوم بهذا الوصف لم يحدث فيه شئ مثير أو ذو أهمية، فقررت أن أقضي الوقت الباقي من اليوم في الكتابة في هذه الصفحة التي أحببتها كثيرا والتي تجمعنا حولها لنستمتع بلحظات من القرب في أيام الفرقة.

وطبعا في يوم كالذي وصفته لم يتفتق ذهني عن أي شئ جيد للكتابة عنه، فقررت أن أختار أي موضوع حتي ولو كان غير ذي أهمية لأكتب عنه أروي فيه قصتي ونتشارك فيه برؤيتنا ولو لعدة دقائق هي عمر هذه السطور.

المهم ظلت الأفكار تدور أمام عيني تتمايل الواحدة منها تلو الأخري لأصطفيها عن مثيلتها من الأفكار إلي أن توهجت فكرة وخفت ما دونها ....فحزمت أمري وقررت كتابتها فأغفروا لي سوء الخيار !!! ...

اليوم نتكلم عن الأتوبيس. نراقبه ونسجل له ونغوص في شخصيته لنري منه مالم يراه غيرنا من البشر.



الأتوبيس [Auto-bus] كلمة أجنبية معناه السيارة الكبيرة أو حافلة الركاب أو سيارة الخدمة العامة أو ربما لا أعرف وهذا هو ظني، وقد إنتقلت هذه الكلمة من الغرب إلينا مع قدوم هذه الألة إلي بلادنا ليبقي هوا أسمها دون تغير، ولكن الأن بعد خمسون عاما من سير تلك الألة في شوارعنا نحتك بها وتحتك بنا أصبحت كلمة أتوبيس في حياتنا لها معني مختلف تماما عن المعني الأصلي،

فـ الأتوبيس الأن في حياتنا اليومية هو رمز للقوة الغاشمة غير المستنيرة التي تفتك بكل ما يقابلها بغير رحمة، بموتوره القوي وهيكله الحديدي وهدير صوته الذي يرهب الناس من حوله أصبح الأتوبيس بعبع الشارع تفر من أمامه السيارات والمشاة خوف بطشه،

والأتوبيس أيضا معناه خليك بعيد لتتأذي فلا تتجرئ سيارة من سيارات المواطنين الغلابة علي الإقتراب من هذا الديناصور الحديدي وإلا لحق بها الدمار والأذي، فبهيكل من الصلب قوامه كقوام دبابات الحروب وموتور بسعة ملايين السي سي هات يستطيع الأتوبيس فرم عشرات السيارات دون أن يطرف له فانوس أو يكسر له شنب.

والأتوبيس معناه المهانة والبهدلة للركاب ومفيش مانع من شوية تريقة وتلطيش وطبعا أي واحدة سواء بنت أو ست طالما معهاش أجرة التاكسي يبقي لازم تحصل علي الجرعة اليومية من التحرش الجسدي اللفظي أو كلاهما من بعض الركاب أم الركاب اللي بعيد أو معرفوش يوصلوا فيكتفوا بالتحرش البصري والهمهمات والضحات المهينة إنتقاما منها لأنها وقفت بعيد.



الأتوبيس أيضا وقد تتعجبوا معناه الليقة البدنية وألعاب القوي، فإنتظار الأتوبيس مع مئات المواطنين لساعات طويلة وقدومه في ميعاد غير المتوقع دائما ممتلئ بمئات الركاب يطلب بعضهم النزول بينما يحاول بضع مئات أخري اللحاق والركوب كل هذا في ثواني قليلة جدا لا يتوقف خلالها الأتوبيس عن الحركة. هو بحق أمراً معجر يتكرر عدة مرات كل يوم في شتي أنحاء البلاد. وقد تصدقوني عندما اخبركم أن بطل رومنيا في المصارعة الرومانية "رياضة معقدة جدا" فشل في ركوب الأتوبيس من نقطة ما والنزول في محطة بعينها في ثماني محاولات متتالية. وأنه أوصي بإنتقال تلك الرياضة إلي أوروبا.

الأتوبيس معناه ألحق أقعد وأحلق لغيرك، وطبعا دي مفهومة فقد إنعدمت الشهامة المروءة لدي شبابنا بعد أن أصبح الجلوس في الاتوبيس حلم يصعب الوصول ليه وقيمة مضافة إلي عمر الأنسان، والجالس علي الكرسي في الأوتوبيس يملك أمر ثمينا لا يفرط فيه بسهولة لمجرد أن رجل طاعن في العمر واقف أمامه أو أن أمرأة تحمل أبنها أو حتي حامل فيه متعلقة في ماسورة القرود اللي في سقف الأتوبيس، واصبح الأن موقعك من الأتوبيس من أهم الأشياء التي يتلوها رواد الأتوبيس إلي أصدقائهم ومعارفهم كل يوم.



الأتوبيس معناه القصور الذاتي، قد نحتاج هنا إلي عالم فزياء مثل أينشتين ليفك لنا رموز الطلسم في إستطاعة المواطن تعلقه بالأتوبيس بإستخدام طرف واحد فقط وبقاء معظم تكوينه "95%" خارج الأتوبيس بمهارة تضاهي مهارة القرد المسلسل أو القطة المشمشية، كأن الأتوبيس الأمل أو الحلم أو .... أو .... أو ....

الأتوبيس معناه الرزق للبياعين الغلابة وأيضاً بغير حق للنشالين، حيث أن الأتوبيس بيئة متغيرة جدا يلجه عدة ألاف كثيرة "بتاع 30 ألف راس في اليوم"، فكان ولابد من الأستفادة من الأمر، وبما أن المواطن الغلبان لا يملك سوي بضع جنيهات فقد أوجد البياعين الغلابة سلع منقرضة من نوع أي حاجة بجنية. وكما يقول المثل هنا رزق الغلابة علي الغلابة. ولا دخل للأغنياء في ذلك.

الأتوبيس معناه البلطجة وفرض قوة دون النظر للحق وصاحبه وعلي صوتك ولم الناس وأعمل دوشة وكسر ممتلكات غيرك وصويت العجائز وشتايم شبان جهلاء وتريقة علي كل مخليق ربنا وحياة كاملة لكن كريهة تنتج لنا كل يوم ألاف المواطنين المشوهين يخرجون إلي الحياة بسلوكيات منتقصة ليشوهوها ويفسدوا جمالها علي أنفسهم وعلي الناس كافة فــ .....

وبعد أن كانت مصر قلب العالم ودرة التاج، أصبحت مصر كبانية كبير وريحته تقرف.

لكن السؤال هنا : هل هناك تشابه بين الأتوبيس والحكومة ؟ ...
هل الحكومة أتوبيس كبير أم الأتوبيس حكومة صغيرة ؟

وعجبي

أسف علي الأطالة

سميـــر

No comments:

Post a Comment